المذاهب الفقهية المندثرة

التربية والتعليم

أما بعد، فإن الفقه الإسلامي يمثل صرحاً شامخاً من صروح الحضارة الإسلامية، تجسدت فيه عبقرية الأمة في فهم النصوص الشرعية وتطبيقها عبر العصور. وقد شهد التاريخ الإسلامي ازدهاراً واسعاً للمذاهب الفقهية، بعضها ذاع صيته وانتشر بين الأمصار، وبعضها الآخر اندثر بفعل عوامل الزمن وتقلبات التاريخ، فطوته صفحات الماضي، ولم يبق منه إلا شذرات متناثرة في بطون الكتب والمخطوطات.
يأتي هذا الكتاب "المذاهب الفقهية المندثرة" ليلقي الضوء على تلك المذاهب التي لعبت دوراً مهماً في تشكيل التراث الفقهي، ثم غابت عن الساحة العلمية لظروف مختلفة، إما لضعف انتشارها، أو لقلة أتباعها، أو لاندماجها في مذاهب أخرى. فمن المذاهب ما كان له أتباع كثر، مثل مذهب الأوزاعي في الشام، أو مذهب الليث بن سعد في مصر، أو مذهب سفيان الثوري في الكوفة، ومنها ما كان أقل شهرة، كبعض مذاهب أهل الظاهر أو فقهاء الصحابة والتابعين الذين لم تُنسب إليهم مدرسة مستقرة.
يهدف هذا البحث إلى:
التعريف بهذه المذاهب ونشأتها وأبرز أعلامها.
تحليل أسباب اندثارها وعوامل اختفائها.
استخلاص الآثار العلمية والمنهجية التي تركتها في التراث الفقهي.
إحياء الوعي بتاريخية الاجتهاد وتنوعه، بعيداً عن الجمود على المذاهب الباقية فقط.
وقد اعتمدنا في هذا العمل على منهجية علمية رصينة، تجمع بين التحقيق التاريخي والدراسة الفقهية المقارنة، مع العودة إلى المصادر الأصلية والمراجع المعتمدة، محاولين تقديم صورة متكاملة لهذه المذاهب بعيداً عن الإيجاز المخل أو الإطناب الممل.
نرجو أن يكون هذا الكتاب إضافة نوعية لمكتبة الفقه الإسلامي، وفتحاً لباب جديد من الدراسات الأكاديمية الجادة التي تُعنى بتراثنا الفقهي المتنوع، سائلين المولى عز وجل أن يتقبل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفع به طلاب العلم والباحثين.

محبي الشيخ حذيفة القحطاني

1

2025-04-2312:48 AM

application / pdf

1114936

التعليقات